البحث عن إيليان
- Santiago Toledo Ordoñez
- 20 يناير
- 3 دقائق قراءة
إليان كان دائمًا ينشأ في قرية صغيرة محاطة بالجبال، حيث كانت التقاليد الدينية قوية وكان الناس يعيشون حياتهم وفقًا لقواعد صارمة ودغمائية. منذ صغره، كان إليان يسمع عن الله ككيان بعيد، حاكم ومعاقب. كل صلاة، كل طقس، كان يبدو وكأنه واجب أكثر منه تعبيرًا عن حب صادق. ورغم أنه كان يحترم معتقدات مجتمعه، إلا أنه كان يشعر بداخله بانفصال لم يستطع فهمه بالكامل.
في أحد الأيام، بينما كان يتمشى في الغابة القريبة، صادف إليان رجلاً مسناً جالسًا تحت شجرة، يبدو كأنه يتأمل في صمت. فضوليًا، اقترب وجلس بجانبه دون أن ينطق بكلمة. نظر إليه الرجل العجوز بعيون عميقة، وقال بصوت ناعم:
— أنت تبحث عن الله، لكنك لا تعرف بعد كيف تنظر إليه.
نظر إليه إليان بحيرة، متسائلًا في ذهنه ما معنى هذه العبارة. أليس الله هو من يجب البحث عنه من خلال الصلاة والطقوس؟ أليس هذا ما تعلمه طوال حياته؟
تابع الرجل العجوز، وكأنه يستطيع قراءة أفكاره:
— إن حب الله ليس عبئًا ولا واجبًا. ليس الأمر يتعلق بالاستسلام لوجود أعلى خوفًا أو ذنبًا. الحب الحقيقي للإلهي هو علاقة احترام عميق، وانفتاح نحو ما يتجاوز ذاتك الأنانية. الله ليس كيانًا يطالب بالخضوع؛ إنه الفضاء الذي تجد فيه أنت وكل ما يحيط بك الوحدة.
شعر إليان أن هذه الكلمات لمست شيئًا في داخله. كان الحب الذي عرفه حتى ذلك الحين حبًا مشروطًا، حبًا يتطلب دائمًا الخوف من غضب الله واتباع القواعد الصارمة. ومع ذلك، كانت كلمات الرجل العجوز كصدى عميق، شيء أيقظ فيه طريقة جديدة لرؤية العالم.
على مدار الأيام التالية، بدأ إليان في استكشاف هذا المفهوم الجديد. بدأ ينظر حوله بمنظور جديد، لا يبحث عن الكمال في الأشياء، بل عن ارتباط عميق بها. شعر بالحب في كل شروق شمس، في همس الريح بين الأشجار، في ضحكات أطفال القرية، وفي احتضان الأرض التي كانت تدعمه. لم يعد يرى الله ككيان بعيد، بل كحضور يسكن في كل ما هو موجود، يدعو إلى الارتباط والفهم والحب.
ذات مساء، بينما كان يمشي وحيدًا في حقل مفتوح، شعر إليان بسلام لم يشعر به من قبل. فجأة، عادت كلمات الرجل العجوز لتتردد في قلبه: *الله هو الفضاء الذي تجد فيه الوحدة*. وعندها أدرك أنه لا يحتاج إلى البحث عن حب مفروض، بل عن حب ينبع من حرية وجوده، حب يسمح له بتجاوز الخوف والذنب، ويصله بما هو إلهي بطريقة أصيلة.
أدرك إليان أن حب الله ليس فعل خضوع، بل رقصة بين العقل والروح والكون، تدفق نحو فهم أعمق للحياة نفسها. في تلك اللحظة، لم يعد يشعر بالانفصال. لم يعد يشعر بأنه يحتاج إلى كسب حب الله من خلال استحقاقاته، بل وجد أنه يحمله في داخله، كالنار التي لا تنطفئ أبدًا.
بهذا الفهم الجديد، عاد إليان إلى قريته. تغيرت طريقته في الصلاة. لم يعد يبحث عن إجابات خارجية، بل بدأ يستمع إلى نبض الحياة في كل لحظة. ورغم أن حياته الخارجية بقيت كما هي، إلا أن داخله قد تغير تمامًا. لقد وجد الحب الحقيقي، الحب الذي لا يعتمد على أي شيء أو أي شخص، الحب الذي ينبع من الارتباط العميق بالإلهي، خاليًا من الدوغمات ومليئًا بالاحترام والفهم.
اكتشف إليان أنه من خلال حب الله، ينفتح طريق نحو التجاوز، علاقة من الوحدة مع الكل، حيث يمكن للسلام الحقيقي والحب أن يزدهرا، ليس كواجب، بل كتعبير صادق عن الكيان. وهكذا، عاش بقية أيامه، يحمل هذا الحب في كل خطوة، عالمًا أن الحب الحقيقي لا يحتاج إلى أن يُفرض؛ بل يُعاش
في قصة إليان، ينعكس المفهوم الذي طوره إريك فروم حول حب الله، والذي لا يقوم على علاقة دوغماتية أو خضوع، بل على اتصال عميق ومحترم مع الإلهي. منذ البداية، عاش إليان حبًا لله مشروطًا بالخوف والواجب، كما تعلم في مجتمعه. ومع ذلك، عند لقائه بالرجل العجوز وسماعه لكلماته، بدأ يشكك في تلك الرؤية.
يعلم الرجل العجوز إليان أن حب الله ليس فعل استسلام ناتج عن الخوف أو الذنب، بل هو علاقة مفتوحة وصادقة، قائمة على الاحترام والسعي نحو غاية أسمى. هذا التغيير في المنظور يقود إليان إلى تجربة حب نحو الإلهي ينبع من حرية وجوده، حب لا يعتمد على قواعد مفروضة أو توقعات أنانية.
ومع تعمق إليان في هذا الفهم، بدأ يرى الله ليس ككيان بعيد ومعاقب، بل كحضور كوني يسكن في كل الأشياء، ويدعو إلى الوحدة والتجاوز. هذا النوع من حب الله، وفقًا لفروم، هو حب مُحرِّر، لأنه خالٍ من الدوغمات وغير مركز على الخضوع، بل يدور حول السعي الصادق للفهم والاتصال. باكتشاف إليان لهذا الحب الحقيقي، شعر باتحاد أكبر مع الحياة والكون، مما يعكس فكرة فروم بأن حب الله هو شكل من أشكال التجاوز وفهم عميق للحياة.
تُجسد قصة إليان كيف يمكن أن يكون حب الله علاقة خالية من المخاوف والدوغمات والذنب، علاقة قائمة على الاحترام والوحدة والفهم، متماشية مع رؤية إريك فروم في فن الحب.

Comments