بذرة الحب
- Santiago Toledo Ordoñez
- 27 يناير
- 4 دقائق قراءة
تثبّتت أليخاندرا على مقعد في الحديقة، ممسكةً بين يديها كتاباً أوصتها به صديقتها. كان بعنوان "فن الحب" لإريش فروم. في صباح ذلك اليوم، بينما كانت تقرأ الفصل الأول، علقت في ذهنها جملة: "العلاقات العاطفية لا تزدهر بين عشية وضحاها؛ إنها تحتاج إلى وقت للنمو والتقوية". كانت الكلمات تتردد في ذهنها مثل صدى، خاصةً لأنها تعرفت على مارتن منذ عدة أشهر، الرجل الذي دخل حياتها بشكل غير متوقع، ومن دون أن تدرك، بدأ يشغل مكاناً مهماً في قلبها.
لم يكن مارتن مثل الرجال الذين قابلتهم أليخاندرا من قبل. بدلاً من أن يدهشها بكلمات مبالغ فيها أو لفتات لافتة، كان سحره يكمن في التفاصيل الصغيرة: الطريقة التي كان يستمع بها بانتباه، بريق نظرته عندما كانا يتحدثان عن الأشياء البسيطة واليومية، والطريقة التي كان يتوقف فيها دائماً قبل أن يجيب، كما لو كان يقيس كل كلمة بعناية. ومع ذلك، كانت تلك الهدوء تجلب معها أيضاً حالة من عدم اليقين. أليخاندرا، المعتادة على العواطف القوية والفورية، كانت تشعر أن الرابط بينهما ينمو ببطء مثل نبات يبدأ في النمو.
في البداية، كان هذا يزعجها. في عالم حيث كل شيء يبدو مسرعًا وسهلاً للحصول عليه، من الطعام إلى الصداقات الافتراضية، كانت علاقتها مع مارتن تشبه لغزًا بلا تعليمات واضحة. كانت تتساءل كثيرًا إذا كان هو يشعر بنفس الشيء الذي كانت تشعر به. "لماذا لا يكون أكثر وضوحًا؟"، كانت تسأل نفسها. ولكنها كانت تتذكر كلمات فروم: الحب هو فن يحتاج إلى الممارسة والصبر والاهتمام.
مقررة أن تفهم هذا المفهوم بشكل أفضل، بدأت أليخاندرا بمراقبة علاقتها من منظور آخر. لماذا كانت في عجلة من أمرها؟ ألم تكن تستمتع بكل لحظة تقضيها مع مارتن؟ كل محادثة، وكل نزهة معًا، وكل ابتسامة مشتركة كانت مثل فعل صغير من الزراعة. وكما يعرف البستاني أن الزهور لا تظهر على الفور، فهمت أليخاندرا أن الحب ليس عن الوصول السريع إلى هدف، بل عن الاستمتاع بعملية زراعته.
مع مرور الوقت، بدأ ارتباطهما بالتعمق. كانت هناك أيام مشمسة، مثل تلك التي كانا يمشيان فيها في المدينة ويكتشفان أماكن جديدة، أو عندما كانا يظلان يتحدثان حتى ساعات متأخرة من الليل عن أحلامهما ومخاوفهما. ولكن كان هناك أيضًا أيام غائمة، لحظات من الشك وسوء الفهم. اكتشفت أليخاندرا أنه في تلك الأيام المظلمة تكمن الاختبار الحقيقي للحب. كان من السهل الشعور بالقرب من شخص ما عندما كان كل شيء يسير على ما يرام، لكن ماذا يحدث عندما تظهر الاختلافات أو الصمت المحرج؟
في أحد تلك الأيام الرمادية، قررت أليخاندرا أن تأخذ مارتن إلى الحديقة حيث كانت تقرأ عادة. كان مكانًا هادئًا، محاطًا بالأشجار والزهور التي كانت تعبق في الهواء بروائحها الحلوة حسب الموسم. بينما كانا يمشيان، توقفا أمام شجيرة ورد لم تكن قد أزهرت بعد. قالت أليخاندرا بصوت عالٍ، أكثر لنفسها منها لمارتن:
— يبدو أن هذه الشجيرة تأخذ وقتًا لتزهر.
رد مارتن، الذي كان لديه معرفة فضولية بالنباتات:
— الورد عادةً ما يستغرق أشهرًا لكي يزهر. ولكن، عندما يحدث، يكون جميلًا. كأن كل وقت الانتظار كان يستحق العناء.
ترددت كلمات مارتن في قلب أليخاندرا. في تلك اللحظة، فهمت أن علاقتها لم تكن مصممة لتكون دوامة من المشاعر الفورية، بل كانت عملية بطيئة ومغذية. مارتن، دون أن يدرك، أعطاها الإجابة التي كانت تبحث عنها منذ أسابيع.
منذ ذلك اليوم، بدأ كلاهما في تخصيص المزيد من الوقت لرباطهما، ولكن دون عجلة أو توقعات صارمة. تعلمت أليخاندرا أن تقدر الإيماءات الصغيرة: القهوة التي كان مارتن يجلبها لها عندما كان يعلم أنها متعبة، المشي الصامت حيث لم تكن الكلمات ضرورية، والليالي التي كان يحدثها فيها عن مخاوفه وعدم أمنه. كل لحظة كانت لبنة إضافية في أساس شيء كانا يبنيانه معًا.
مع مرور الأشهر، ازدهرت علاقتهما بطريقة لم تكن أليخاندرا قد اختبرتها من قبل. لم يكن حبًا انفجاريًا أو دراميًا، بل كان هادئًا وعميقًا، مثل جذور شجرة تمتد ببطء تحت الأرض. من الخارج، قد يعتقد الآخرون أنه كان شيئًا طبيعيًا، لكن أليخاندرا كانت تعرف الحقيقة: ذلك الحب كان نتيجة للصبر والعمل المتبادل والالتزام بالعناية بما زرعاه معًا.
في إحدى الأمسيات، بينما كانا يمشيان مجددًا في الحديقة، لاحظا أن شجيرة الورد التي رأياها قبل أشهر كانت في مرحلة ازدهار كاملة. أشارت أليخاندرا إليها، مبتسمة وقالت لمارتن:
— كنت على حق. الانتظار دائمًا يستحق العناء.
أخذ مارتن يدها، وبنظرته الهادئة، أجاب:
— مثلنا.
بالنسبة لأليخاندرا، كانت تلك اللحظة تجسد كل ما تعلمته في العام الماضي: الحب ليس هدفًا يجب الوصول إليه، بل رحلة تُستمتع بها خطوة بخطوة. وبينما كانا يمشيان معًا نحو الغروب، علمت أن ما كانا قد بنياه كان أقوى من أي شغف عابر. كان حبًا، مثل الفن، قد تم تنقيحه مع مرور الوقت والجهد والصبر.
في الفصل الأول من كتاب "فن الحب"، يعتقد إريش فروم أن الحب، مثل أي فن، ليس مهارة يمكن إتقانها على الفور، بل يحتاج إلى وقت وتفاني وصبر. يوضح فروم أن معظم الناس يبحثون عن الحب كما لو كان هدفًا يمكن الوصول إليه بسرعة، ولكن الحقيقة هي أنه مثل الرسام الذي يستغرق سنوات لإتقان عمله، فإن الحب الحقيقي يُبنى خطوة بخطوة، متغلبًا على التحديات ومتعلّمًا من كل تجربة. إن فكرة الصبر هذه هي المفتاح في عملية زراعة علاقة عميقة ودائمة. في حالة أليخاندرا ومارتن، لم يكن ارتباطهما انفجارًا مفاجئًا، بل كان ازدهارًا بطيئًا تطلب قبولًا متبادلًا، وفسحة للخطأ، واستعدادًا للنمو معًا مع مرور الوقت. العلاقة، مثل شجيرة الورد التي لاحظاها في الحديقة، ازدهرت عندما فهم كلاهما أنه، لكي ينمو الحب بشكل كامل، يجب تركه ينمو دون الضغط عليه، واحترام إيقاعه الطبيعي.

Comments