جولة في قصر لا مونيدا: التاريخ والثقافة الشيليّة، والاتصال بشعب المابوتشي
- Santiago Toledo Ordoñez
- 18 يناير
- 2 دقائق قراءة
في 27 ديسمبر 2024، حظيت بشرف تجربة سمحت لي بالغمر في قلب التاريخ التشيلي: زيارتي الأولى لقصر لا مونيدا. هذا المكان، المليء بالمعاني السياسية والثقافية، لم يكشف لي فقط لحظات حاسمة من التاريخ الحديث لتشيلي، بل أيضًا ارتباطًا عميقًا بجذورنا الأصلية.
عند بدء الجولة، مررت من خلال الفناء الرمزي "فاتيوا نارانخوس"، حيث كان الضوء يتسلل عبر فروع الأشجار، مما خلق جوًا من الهدوء في وسط عظمة القصر. هذا الفناء، الذي شهد العديد من الاجتماعات التاريخية، سمح لي بالتفكير في التاريخ الذي كتب بين جدرانه، لكن عندما وصلت إلى زاوية خاصة، أخذت الزيارة معنى جديدًا حقًا.
في الفناء كان هناك شجرة "كانيلو"، وهي شجرة مقدسة بالنسبة للماابوتشي. تذكرت وجودها الأهمية الروحية التي تتمتع بها في ثقافتهم، حيث يتم تبجيل الكانيلو بسبب قدرته على تطهير الطاقات السلبية وارتباطه بالعالم الروحي. هذه الشجرة، التي شهدت العصور القديمة، تقف كرمز للحكمة والهوية المابوتشي، وتذكير بأهمية تقدير وحفظ تقاليد شعوبنا الأصلية.
بينما كنت أواصل الجولة في القصر، وصلنا إلى قاعة حيث تم عقد مؤتمرات وإعلان أخبار حاسمة لمصير البلاد. هذا الفضاء، الذي كانت شخصيات مثل مانويل مونت ودييغو باروس أرينا تتبادل أفكارها فيه، كان علامة فارقة في التاريخ السياسي لتشيلي. كان وزن التاريخ محسوسًا، وجعلني الجو أفكر في القرارات التي تم اتخاذها هناك وكيف غيرت الأمة.
كان أحد اللحظات الأكثر مفاجأة عندما اكتشفت محاكاة لتمثال "موآي"، رمز الثقافة الأصلية لجزيرة الفصح. هذا التمثال، الذي بدا وكأنه يراقب في صمت، ذكرني بالإرث الثقافي الغني لتشيلي والاتصال العميق الذي نتمتع به مع شعوبنا الأصلية، من جزيرة الفصح إلى جنوب تشيلي.
استمرت الجولة حتى وصلنا إلى قاعة خاصة جدًا، حيث وجدت لوحة لبيدرو دي فالديبيا، أحد أعظم الفاتحين في تاريخ تشيلي. إلى جانبه، كان هناك صورة للوتارو، القائد المابوتشي العظيم الذي قاتل بشجاعة ضد الغزو الإسباني. رؤية هاتين الشخصيتين التاريخيتين معًا، في نفس الفضاء، جعلتني أفكر في التفاعل المعقد بين الشعوب الأصلية والمستعمرين، وكيف أن كلاهما، بطريقته الخاصة، حدد مصير تشيلي. كان لوتارو، كرمز للمقاومة، وبيتو دي فالديبيا، كممثل للغزو، يذكروننا بالتاريخ الغني، لكن أحيانًا المؤلم، الذي نعيشه كأمة.
عند مغادرتي لقصر لا مونيدا في ذلك اليوم، أخذت معي شعورًا عميقًا بالاتصال بوطننا وتاريخه. لم تكن الزيارة مجرد جولة عبر مبنى مليء بالمعالم والذكريات، بل كانت رحلة إلى روح تشيلي. كل شجرة، وكل لوحة، وكل زاوية داخل ذلك الفضاء سمحت لي بفهم أفضل لتعقيدات وغنى هويتنا، موحدة تاريخ الشعوب الأصلية مع الأحداث التي شكلت مصير البلاد. قصر لا مونيدا، بكل رمزيته، ذكرني بأن تاريخنا متعدد، متنوع، وحي في كل زاوية من زوايا تشيلي.
قصر لا مونيدا، الذي يقع في وسط سانتياغو، تشيلي، هو أحد المباني الأكثر تمثيلًا للبلاد. تم افتتاحه في عام 1805، وكان مصممًا أصلاً كمقر للسلطة التنفيذية ودار سك العملة. على مر تاريخه، لعب دورًا حاسمًا في السياسة التشيليّة.
اليوم، يعتبر قصر لا مونيدا مقرًا للحكومة، حيث يؤدي رئيس الجمهورية مهامه الرسمية. كما يضم مكاتب الوزراء والمسؤولين الحكوميين الرفيعين. على الرغم من أنه لم يعد المقر الرئاسي، إلا أنه لا يزال رمزًا مركزيًا للسياسة التشيليّة. بالإضافة إلى ذلك، يلعب القصر دورًا ثقافيًا من خلال استضافة المعارض والفعاليات المتعلقة بتاريخ وفن البلاد، مما يتيح للمواطنين والزوار التعرف أكثر على تراثهم.





Comments