شعلة الأخوة
- Santiago Toledo Ordoñez
- 26 يناير
- 3 دقائق قراءة
في قرية صغيرة تحيط بها الجبال والوديان الخضراء، عاش شقيقان، لورا وسباستيان، تربطهما علاقة تتجاوز الروابط العائلية المعتادة. وعلى الرغم من أنهما لم يكونا توأمين، كان الناس في القرية يقولون إنهما يشتركان في روح واحدة. لورا، التي كانت تبلغ من العمر 25 عامًا، اضطلعت بدور الأم لسباستيان منذ أن كان في الرابعة من عمره، عندما توفيت والدتهما فجأة. ومنذ ذلك الحين، علمتهما الحياة أن يتكئا على بعضهما البعض بطريقة لا يستطيع الكثيرون فهمها.
لقد كبرت لورا قبل أوانها. فعندما كانت في العاشرة من عمرها، كانت بالفعل تعتني بشقيقها الصغير، تعد له الطعام، تساعده في دراسته، وتواسيه عندما كان يبكي في الليالي الصامتة. بينما كان الأطفال الآخرون يلعبون بلا هموم، تحملت لورا عبء الأسرة، وأصبحت الملاذ العاطفي لسباستيان. من جهته، كان ينظر إليها دائمًا بإعجاب وامتنان، وكأنها دليله وقوته ومثاله الذي يحتذى به.
وفي يوم من الأيام، بينما كانت الحياة تسير على وتيرتها الهادئة، بدأ الجو يتلبد. ما بدا في البداية كأنه مطر عابر تحول إلى عاصفة هوجاء. الجبال التي تحيط بالوادي بدت وكأنها تطلق أنهارًا من المياه التي بدأت تتجمع بسرعة في القرية. كانت الرياح تعوي، والمطر يهطل بغزارة تجعل الرؤية شبه مستحيلة. النهر، الذي كان عادة هادئًا، فاض مياهه وهدد بجرف كل ما يقف في طريقه. وخلال ساعات قليلة، عمت الفوضى في القرية بأكملها.
كان سباستيان يساعد في تنظيم عملية الإجلاء، لكنه توقف فجأة عندما تذكر شيئًا مهمًا. "أغراض أمي..." همس لنفسه. كان يشير إلى صندوق صغير يحتوي على ذكريات والدته: منديل مطرز، صورة باهتة، ورسالة كتبتها قبل رحيلها. بدون تفكير، عاد إلى المنزل متحديًا التيار المتزايد. وعندما علمت لورا أن سباستيان قد عاد، استبد بها الذعر.
"لا يمكن أن أترك سباستيان وحده وسط هذه العاصفة!" فكرت بقلق. ارتدت معطفًا، وأخذت مصباحًا زيتيًا، وخرجت إلى الخارج. كانت الرياح تضرب وجهها بقوة، والماء البارد يقطع ساقيها، لكن كل ذلك لم يكن مهمًا. "لا يهمني ما سيحدث"، تمتمت لنفسها. "سأجده".
كان المنزل، الذي كان عادة ملاذًا دافئًا، بالكاد يمكن التعرف عليه تحت وطأة العاصفة. النوافذ كانت تهتز، والمياه غمرت معظم الطابق الأول. في الداخل، كان سباستيان واقفًا بجانب النافذة، ممسكًا بصندوق والدته. وعندما رأى لورا تدخل، ارتسمت على وجهه ملامح مزيج من الارتياح والندم.
"لورا! كنت أظن أنك بقيت مع الآخرين..."
"كيف لي أن أتركك هنا؟" ردت وهي تعانقه بشدة. في تلك اللحظة، لم تكن الكلمات ضرورية. كانت اتصالهما العميق يعبر عن كل شيء.
استمرت المياه في الارتفاع، مهددة بمحاصرتهما. أمسكت لورا بيد سباستيان وقادته نحو المخرج، لكن كل خطوة كانت بمثابة تحدٍ كبير. كان الماء يصل إلى خصريهما، والرياح تبدو وكأنها تحاول إعاقتهما. رأى سباستيان الإصرار في عيني شقيقته، فشعر بالإلهام.
"لن أسمح لك بفعل هذا بمفردك!" صرخ، متقدمًا ليقود الطريق. وذراعه حول كتفي لورا منحهم التوازن بينما واصلوا التقدم معًا.
كان الطريق إلى الملجأ المؤقت اختبارًا للصبر والتحمل، جسديًا وعاطفيًا. تعثرا عدة مرات، وفي لحظة فقدت لورا توازنها، لكن سباستيان أمسك بها بقوة. "نحن معًا في هذا الأمر"، قال لها، وكانت تلك الكلمات كل ما تحتاجه للمضي قدمًا.
عندما وصلا أخيرًا، استقبلهم سكان القرية بالتصفيق والدموع. لكن لورا وسباستيان لم يتوقفا للراحة. ومع الصندوق لا يزال في يدي سباستيان، بدأوا بمساعدة الآخرين، ينظمون عمليات الإنقاذ ويوزعون الطعام والبطانيات.
في الأيام التي تلت ذلك، وبينما كانت القرية تتعافى من الأضرار، عمل الشقيقان بلا كلل. كان عزمهما وحبهما الأخوي مصدر إلهام للجميع. لقد أظهرا أن الحب ليس مجرد شعور، بل هو عمل دائم ونكران للذات، قادر على التغلب على أي محنة.
وبعد سنوات، عندما تذكرت القرية تلك العاصفة، لم يكن الناس يتحدثون فقط عن الكارثة. بل تحدثوا عن لورا وسباستيان، وعن كيف أن حبهما المتبادل وتفانيهما تجاه الآخرين قد أضاءا أحلك اللحظات. أصبحت قصتهما رمزًا للتضامن والأمل، وتذكيرًا بأنه حتى في وسط أعنف العواصف، يمكن أن يكون الحب شعلة لا تنطفئ.
تُجَسِّدُ قصة لورا وسباستيان بشكل عميق رؤية فروم حول الحب الأخوي، حيث إن علاقتهما لا تقوم فقط على رابطة عائلية، بل على حب غير أناني وسخي يتجاوز مصالحهما الشخصية. خلال العاصفة، لم تسعَ لورا إلى مكافأة مقابل تضحياتها؛ كان دافعها الوحيد هو رعاية شقيقها وحمايته، مما يُظهِرُ كيف يتجاوز الحب الأخوي الأنانية ليصبح شكلاً من أشكال التضامن الحقيقي.
بالإضافة إلى ذلك، ومن خلال عملهما الدؤوب لمساعدة أعضاء المجتمع الآخرين على تجاوز المحنة، جسَّد الشقيقان فكرة الأخوَّة العالمية، حيث يُصبح الاحترام المتبادل والالتزام بالرفاهية المشتركة أساسًا لمجتمع عادل ومتماسك.
هذا النوع من الحب، كما وصفه فروم، يُمثل تجسيدًا للوحدة الإنسانية التي تمتد إلى الجميع، بغض النظر عن عرقهم أو ثقافتهم أو مكانتهم، ويعمل كقوة دافعة لتغيير العالم نحو مزيد من التضامن والإنسانية.

Comentarios